فضل العشرة من ذي الحجة

ذو الحجة ....

موقف غريب وكلام جديد على صحابة رسول الله (ص)، فهؤلاء الصحابة الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم، وقاموا الليل وتعبدوا في رمضان وغير رمضان، كل هذا ويخبرهم سيدنا محمد (ص) أن عبادة العشر الأوائل من ذي الحجة أفضل من أيام العبادة التي سبقتها!


ولا حتى الجهاد؟!


ولهذا تعجب صحابة رسول الله، وسألوه: "ولا الجهاد في سبيل الله؟"!.. فرد الرسول صلى الله عليه وسلم، مؤكدا فضل هذه الأيام بقوله: "ولا الجهاد في سبيل الله"..
وهنا نستطيع أن نتخيل سيدنا محمد وقد لاحظ الدهشة تعلو وجوههم، فقد عودهم أن الجهاد والاستشهاد في سبيل الله هو خير وأحب الأعمال إلى الله، فكيف في لحظة يصبح التعبد في تلك الأيام خير من الجهاد، فاستطرد ليهدأ من روعهم: "إلا رجلاً خرج بنفسه وماله لم يرجع من ذلك بشيء".
ولكن..
أي أن الذي يتقرب إلى الله في هذه الأيام خير عند الله من كل فرد، إلا من خرج بماله ونفسه مجاهداً في سبيل الله، ولم يرجع لا بماله ولا بنفسه، أي استشهد في سبيل الله.. وهنا فقط وضحت الرؤية للصحابة، وفهموا فضل وعظمة تلك الأيام، ولكن ماذا عنا نحن؟!.. هل أدركنا فضلها؟!..
العشر الأوائل من ذي الحجة مكانتها ثابتة بكتاب الله سبحانه وتعالى وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد قال الله تعالى: (والفجر وليال عشر).. وأكثر أهل التفسير اجتمعوا على أن المراد بهذه العشر هو عشر ذي الحجة.
فضل العشر الأوائل
وورد في السنة النبوية عدة أحاديث في فضيلة هذه العشر منها: -
1- في رواية للطبراني في (الكبير) بإسناد جيد كما قال المنذري: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر؛ فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير).
2- يوم عرفة أفضل أيام العام، وهو من الأيام العشرة الأول من ذي الحجة، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صيام يوم عرفة، أحتسب على الله تعالى أن يكفر ذنوب سنتين"، أي أن يغفر الله به ذنوب العام الذي مضى، ويلهم الله به المذنب بالتوبة عن معاصي العام التالي.

اجتهاد

وقد اجتهد بعض التابعين قائلين بأن نهار العشر الأوائل من ذي الحجة أفضل أيام العام؛ لأن فيهم يوم عرفة، بينما ليالي العشر الأواخر من رمضان هن أفضل ليالي العام؛ لأن فيهن ليلة القدر.
3- وقد يعتقد البعض أن فضل هذه الأيام يتوقف بيوم عرفة، لكن هذه الأيام هي "العشر الأوائل من ذي الحجة"، أي أن أول أيام عيد الأضحى يدخل في أكازيون الخير، إذ روت السيدة عائشة (رضي الله عنها) أن رسول الله (ص) قال: "ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع من الأرض فطيبوا بها نفسًا".

وكمان..

4- والعشر الأوائل من ذي الحجة تصير فيه الحسنات مضاعفة لسببين: أولهما أن ذي الحجة من الأشهر الحرم التي تتضاعف فيها الحسنات، وثانيهما هذان الحديثان اللذان (ضعفهما) كثير من الرواة: فقد روي في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "هذا زيادة والعمل فيهن يضاعف بسبعمائة".
وخرج الترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كل يوم منها بسنة، وكل ليلة منها بقيام ليلة القدر"، وهذا الحديث ضعفه العلماء أيضاً.

أحب الأعمال

ويسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة؛ لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) حث على العمل الصالح في أيام العشر، والصيام من أفضل الأعمال، ويستحب كثرة التكبير والتحميد والتهليل والتسبيح أيام العشر. والجهر بذلك في المساجد والمنازل والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهاراً للعبادة، وإعلاناً بتعظيم الله تعالى.
وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، والمراد أن الناس يتذكرون التكبير فيكبر كل واحد بمفرده وليس المراد التكبير الجماعي بصوت واحد فإن هذا غير مشروع.
وبالطبع يجب على كل مسلم أن يكثر من الأعمال الصالحة في تلك الأيام. فمن لم يمكنه الحجّ، فعليه أن يشغل وقته بطاعة الله تعالى من الصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء والصدقة وبر الوالدين وصلة الأرحام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من طرق الخير وسبل الطاعة.
ومما يتأكد في هذا العشر: التوبة إلى الله تعالى والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب. والتوبة هي الرجوع إلى الله تعالى وترك ما يكرهه الله ظاهراً وباطناً ندماً على ما مضى، وتركا في الحال، وعزماً على ألا يعود والاستقامة على الحقّ بفعل ما يحبّه الله تعالى.
مازال أوكازيون الخير مستمراً.. فبادروا قبل نفاذ الكمية!

بارك الله فيك

الف شكر على مروركم