لطائف للتفقه والتدبر
الحمد لله رب العالمين رب السماوات السبع والأراضين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد:
قال الله تعالى عن نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم:
(وإنك لعلى خلق عظيم).
وقال عز وجل:
(ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك).
وقال خير الخلق صلى الله عليه وآله وسلم:
(وتبسمك في وجه أخيك صدقة).
حيث أن الابتسامة-وما أحوجنا إلى الابتسامة-من السنن التي سنها رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-وحث عليها، فاستن بها أصحابه، وأحبابه ممن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين (ونسأل الله سبحانه وتعالى أن نكون منهم) آمين.
وبناء على هذا فإني أود أن أضع بين أيديكم موضوعا يتحدث عن مواقف-أو بالمعنى الأصح لطائف-للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وللصحابة رضي الله عنهم وللتابعين لهم بإحسان من علماء ربانيين وطلبة علم مجتهدين قديما وحديثا، وذلك حتى نتفقه ونتدبر لا لنتفكه ونتندر، ولنعلم أيضا ولنعلم غيرنا أن في ديننا فسحة.
الخير كل الخير في اتباع من سلف*والشر كل الشر في اتباع من خلف
وعلى هذا فإني سأسرد الأحاديث النبوية الصحيحة إن شاء الله مع ذكر رواتها إن تيسر لي ذلك، وأما سائر اللطائف فإنه يكفيني أن أذكر اسم الكتاب؛ أو أن أكتب قرأت أو سمعت بدون تتبع صحة الخبر، وأرجو أن لا يؤاخذني أحد على تقصيري هذا وقلة متابعتي لصحة بعض اللطائف. فإن كانت كلماتي صوابا فمن الله وحده، وإن كانت خطأ فمني ومن الشيطان؛ وأعوذ بالله من الشيطان.
إنا حاملوك على ولد الناقة
روى أبوداود عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن رجلا جاء إلى رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-وطلب منه دابة يسافر عليها وقال له: احملني يا رسول الله.
فأراد النبي أن يمازح الرجل فقال له: إنا حاملوك على ولد الناقة.
استغرب الرجل لأن ولد الناقة صغير ولا يقدر على تحمل مشقة الحمل والسفر فقال: وما أصنع بولد الناقة؟!
فداعبه النبي-صلى الله عليه وآله وسلم-فقال له: وهل تلد الإبل إلا النوق؟!"
